الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآل وصحبه وبعد ..
يقول عز من قائل: ﴿ وَاإِنَّ السَّمْعَ لْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾ الإسراء:من الآية36.
الأذن
مسئولة أمام الله عز وجل عما استمعت إليه ، والصالحون هم الذين يستمعون
القول فيتبعون أحسنه ، ويا لندامة من صرف سمعه عن الهدى ، وأغلق أذنه عن
صوت
الحق.
الأذن تصوم عن سماع الخنا والغناء وعن الفحش والبذاء. وللأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله عز وجل في رمضان وغيره.
كثير من البشر عطلوا ما منّ الله عليهم به من أعضاء. يقول عنهم سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ
ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ
وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا
يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ لأعراف:179.
نعم
لهم آذان ولكن لا يسمعون سماع موعظة وسماع وتدبر وفهم. سماع كثير من الناس
كسماع الأنعام تماما لا ذكرى ولا اعتبار ، لا نفع ولا فائدة.
يا أذن لا تسمعي غير الهدى أبدا إن اســتـمـاعـك
لــــلأوزار أزار
عن أبي حاتم بسند جيد أنه صلى الله عليه
وسلم مر على عجوز في المدينة فسمعها تقرأ من وراء بابها هل أتاك حديث
الغاشية وهي ترددها وتبكي فأخذ صلى الله عليه وسلم يسمع لقراءتها ويردد "
نعم أتاني نعم أتاني"
مدح الله قوما بجود السماع وحسن الاستماع فقال: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ المائدة: من الآية83.
سماع الحق يزيد القلب ثباتا على الحق ، وسماع الباطل يورث في القلب.
إن
من واجب المسلم أن يحمد الله على نعمة السمع وأن يصرفها في مرضات ربه
تبارك وتعالى فيزداد من سماع القرآن الكريم ودروس العلم والمحاضرات النافعة
والحكم البالغة.. وينقذ أذنه من سماع الإثم والإصغاء إلى الفحش وكل ما يصد
عن سبيل الله ؟ يقول تبارك وتعالى عن عباده الصالحين: ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ﴾ الفرقان: من الآية72. وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا
سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا
وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ القصص:55.
جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. حديث
اليوم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ
اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ
عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ". رواه مسلم قطوف قال سفيان بن عيينه " ما شكر الله من استعان بنعمته على معصيته ". ذكرى جاء رجل إلى يونس بن عبيد -رحمه الله-:
فشكى إليه ضيقا من حاله ومعاشه، واغتماما منه بذلك،
فقال له يونس: أيسرك ببصرك هذا الذي تبصر به
مائة ألف؟ قال: لا،
قال: فسمعك الذي تسمع به يسرك به مائة ألف؟ قال: لا،
قال: فلسانك الذي تنطق به مائة ألف؟ قال: لا،
قال: ففؤادك الذي تعقل به مائة ألف؟ قال: لا،
قال: فيداك يسرك بهما مائة ألف؟ قال: لا؟
قال: فرجلاك؟ فذكره نعم الله عليه، ثم قال له : " أرى لك مئين ألوفا، وأنت تشكو الحاجة " خاطرة فأنظر إليهم وينظرون إليّ إذا قام العبد بالليل، تباشرت أعضاؤه، ونادى بعضها بعضا: قد قام صاحبنا لخدمة الله تعالى. حديث شريف
وعن أحمد الحواري، قال: دخلت على أبي سليمان الداراني، فوجدته يبكي، فقلت له: وما يبكيك يا سيدي؟
قال لي: يا أحمد، إن أهل المحبة إذا جنهم الليل، افترشوا أقدامهم، فدموعهم تجري على خدودهم بين
راكع وساجد،
فإذا أشرف المولى جلّ جلاله عليهم، قال: يا جبريل، بعيني من تلذذ
بكلامي، واستراح إلى مناجاتي، وإني لمطلع عليهم، أسمع كلامهم، وأرى حنينهم،
وبكاءهم، فنادِهم يا جبريل،
وقل لهم: ما هذا الجزع الذي أرى بكم؟
هل أخبركم مخبر أن حبيباً يعذب أحبابه بالنار؟
أم هل يحمل بي أن أُبَيّتَ قوما، وعند البيات أمرهم إلى النار؟
لا يليق هذا بعبد ذميم، فكيف بالملك الكريم؟!
فبعزتي لأجعلنّ هديّتي إليهم أن أكشف لهم عن وجهي الكريم، فأنظر إليهم وينظرون إليّ. فتاوى
السؤال : كيف يمكن التوفيق بين تصفيد الشياطين في رمضان ووقوع المعاصي من الناس؟
المفتي: محمد بن صالح العثيمين
الإجابة:
المعاصي
التي تقع في رمضان لا تنافي ما ثبت من أن
الشياطين تصفد في رمضان، لأن تصفيدها لا يمنع من حركتها، ولذلك جاء في
الحديث: "تصفد فيه الشياطين، فلا يخلصون إلى ما يخلصون إليه في غيره"، وليس
المراد أن الشياطين لا تتحرك أبداً، بل هي تتحرك، وتُضل من تضل، ولكن
عملها في رمضان ليس كعملها في غيره.